سورة إبراهيم - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (إبراهيم)


        


قوله عز وجل: {والذين من بعدهم لا يَعْلمُهم إلا الله} فيها وجهان:
أحدهما: يعني بعد من قص ذكره من الأمم السالفة قرون وأمم لم يقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلمهم إلا الله عالم ما في السموات والأرض.
الثاني: ما بين عدنان وإسماعيل من الآباء. قال ابن عباس: بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أباً لا يعرفون.
وكان ابن مسعود يقرأ: لا يعلمهم إلا الله كذب النسّابون.
{جاءَتهم رسلهم بالبينات} أي بالحجج.
{فردُّوا أيديهم في أفواههم} فيه سبعة أوجه:
أحدها: أنهم عضوا على أصابعهم تغيظاً عليهم، قاله ابن مسعود واستشهد أبو عبيدة بقول الشاعر:
لو أن سلمى أبصرت تخدُّدي *** ودقةً في عظم ساقي ويدي
وبعد أهلي وجفاءَ عُوَّدي *** عضت من الوجد بأطراف اليد
الثاني: أنهم لما سمعوا كتاب الله عجبوا منه ووضعوا أيديهم على أفواههم، قاله ابن عباس.
الثالث: معناه أنهم كانوا إذا قال لهم نبيهم إني رسول الله إليكم، أشاروا بأصابعهم إلى أفواههم بأن اسكت تكذيباً له ورداً لقوله، قاله أبو صالح. الرابع: معناه أنهم كذبوهم بأفواههم، قاله مجاهد.
الخامس: أنهم كانوا يضعون أيديهم على أفواه الرسل رداً لقولهم، قاله الحسن.
السادس: أن الأيدي هي النعم، ومعناه أنهم ردوا نعمهم بأفواههم جحوداً لها.
السابع: أن هذا مثل أريد به أنهم كفوا عن قبول الحق ولم يؤمنوا بالرسل، كما يقال لمن أمسك عن الجواب رَدّ في فيه.


قوله عزوجل: {قالت رسلهم أفي الله شك} فيه وجهان:
أحدهما: أفي توحيد الله شك؟ قاله قتادة.
الثاني: أفي طاعة الله شك؟
ويحتمل وجهاً ثالثاً: أفي قدرة الله شك؟ لأنهم متفقون عليها ومختلفون فيما عداها.
{فاطر السموات والأرض} أي خالقهما، لسهوهم عن قدرته.
{يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم} أي يدعوكم إلى التوبة ليغفر ما تقدمها من معصية.
وفي قوله تعالى: {من ذنوبكم} وجهان:
أحدهما: أن {من} زائدة، وتقديره، ليغفر لكم ذنوبكم، قاله أبو عبيدة.
الثاني: ليست زائدة، ومعناه أن تكون المغفرة بدلاً من ذنوبكم، فخرجت مخرج البدل.
{ويؤخركم إلى أجل مسمى} يعني إلى الموت فلا يعذبكم في الدنيا.
قوله عز وجل: {قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشرٌ مثلكم} يحتمل وجهين:
أحدهما: أن ينكر قومهم أن يكونوا مثلهم وهم رسل الله إليهم.
الثاني: أن يكون قومهم سألوهم معجزات اقترحوها.
وفي قوله تعالى: {ولكن الله يمنّ على مَنْ يشاء من عباده} ثلاثة أوجه:
أحدها: بالنبوة.
الثاني: بالتوفيق والهداية.
الثالث: بتلاوة القرآن وفهم ما فيه، قاله سهل بن عبدالله. {وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: بكتاب.
الثاني: بحجة.
الثالث: بمعجزة.


قوله عز وجل: {ذلك لمن خاف مقامي} أي المقام بين يدّي، وأضاف ذلك إليه لاختصاصه به:
والفرق بين المقام بالفتح وبين المقام بالضم أنه إذا ضم فهو فعل الإقامة، وإذا فتح فهو مكان الإقامة.
{وخاف وعيد} فيه وجهان:
أحدهما: أنه العذاب.
والثاني: أنه ما في القرآن من زواجر.
{واستفتحوا} فيه وجهان:
أحدهما: أن الرسل استفتحوا بطلب النصر، قاله ابن عباس.
الثاني: أن الكفار استفتحوا بالبلاء، قاله ابن زيد.
وفي الاستفتاح وجهان:
أحدهما: أنه الإبتداء.
الثاني: أنه الدعاء، قاله الكلبي.
{وخاب كلُّ جبار عنيد} في {خاب} وجهان:
أحدهما: خسر عمله.
الثاني: بطل أمله.
وفي {جبار} وجهان:
أحدهما: أنه المنتقم.
الثاني: المتكبر بطراً.
وفي {عنيد} وجهان.
أحدهما: أنه المعاند للحق.
الثاني: أنه المتباعد عن الحق، قال الشاعر:
ولست إذا تشاجر أمْرُ قوم *** بأَوَّلِ مَنْ يخالِفهُم عَنيدا
قوله عز وجل: {مِن ورائه جهنم} فيه أربعة أوجه:
أحدها: معناه من خلفه جهنم. قال أبو عبيدة: وراء من الأضداد وتقع على خلف وقدام. جميعاً.
الثاني: معناه أمامه جهنم، ومنه قول الشاعر:
ومن ورائك يومٌ أنت بالغه *** لا حاضرٌ معجز عنه ولا بادي
الثالث: أن جهنم تتوارى ولا تظهر، فصارت من وراء لأنها لا ترى حكاه ابن الأنباري.
الرابع: من ورائه جهنم معناه من بعد هلاكه جهنم، كما قال النابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبةً *** وليس وراءَ الله للمرْءِ مذهب
أراد: وليس بعد الله مذهب.
{ويسقى من ماءٍ صديد} فيه وجهان:
أحدهما: من ماء مثل الصديد كما يقال للرجل الشجاع أسد، أي مثل الأسد.
الثاني: من ماء كرهته تصد عنه، فيكون الصديد مأخوذاً من الصد.
قوله عز وجل: {ويأتيه الموت مِنْ كل مكان} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: من كل مكان من جسده حتى من أطراف شعره، قاله إبراهيم التيمي، للآلام التي في كل موضع من جسده.
الثاني: تأتيه أسباب الموت من كل جهة، عن يمينه وشماله، ومن فوقه وتحته، ومن قدامه وخلفه، قاله ابن عباس.
الثالث: تأتيه شدائد الموت من كل مكان، حكاه ابن عيسى.
{وما هو بميتٍ} لتطاول شدائد الموت به وامتداد سكراته عليه ليكون ذلك زيادة في عذابه.
{ومن ورائه عذاب غليظ} فيه الوجوه الأربعة الماضية. والعذاب الغليظ هو الخلود في جهنم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7