قوله عز وجل: {والذين من بعدهم لا يَعْلمُهم إلا الله} فيها وجهان:أحدهما: يعني بعد من قص ذكره من الأمم السالفة قرون وأمم لم يقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلمهم إلا الله عالم ما في السموات والأرض.الثاني: ما بين عدنان وإسماعيل من الآباء. قال ابن عباس: بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أباً لا يعرفون.وكان ابن مسعود يقرأ: لا يعلمهم إلا الله كذب النسّابون.{جاءَتهم رسلهم بالبينات} أي بالحجج.{فردُّوا أيديهم في أفواههم} فيه سبعة أوجه:أحدها: أنهم عضوا على أصابعهم تغيظاً عليهم، قاله ابن مسعود واستشهد أبو عبيدة بقول الشاعر:لو أن سلمى أبصرت تخدُّدي *** ودقةً في عظم ساقي ويديوبعد أهلي وجفاءَ عُوَّدي *** عضت من الوجد بأطراف اليدالثاني: أنهم لما سمعوا كتاب الله عجبوا منه ووضعوا أيديهم على أفواههم، قاله ابن عباس.الثالث: معناه أنهم كانوا إذا قال لهم نبيهم إني رسول الله إليكم، أشاروا بأصابعهم إلى أفواههم بأن اسكت تكذيباً له ورداً لقوله، قاله أبو صالح. الرابع: معناه أنهم كذبوهم بأفواههم، قاله مجاهد.الخامس: أنهم كانوا يضعون أيديهم على أفواه الرسل رداً لقولهم، قاله الحسن.السادس: أن الأيدي هي النعم، ومعناه أنهم ردوا نعمهم بأفواههم جحوداً لها.السابع: أن هذا مثل أريد به أنهم كفوا عن قبول الحق ولم يؤمنوا بالرسل، كما يقال لمن أمسك عن الجواب رَدّ في فيه.